من "التنميط الثقافي" إلى "سفراء باكستان": قصة صعود الدراما الباكستانية عالميًا وكيف غيرت قواعد اللعبة
في زمنٍ كانت فيه الشاشات الفضية حــ/ــكرًا على "التنميط الثقافي" القادم من الـ--شر/ق، بزغتْ قصة ملحمية من قلب باكستان، قصة تحدٍ وإصرار، قصة تحويل الأحلام إلى واقع. لم يكن الأمر مجرد إنتاج مسلسلات تلفزيونية، بل كان بناء هوية، وتصدير ثقافة، وتغيير صورة نمطية. فكيف استطاعت الدراما الباكستانية أن تنتقل من المحلية إلى العالمية؟ وكيف تمكنت من منافسة عمالقة الإنتاج التلفزيوني؟ هذا ما يكشفه لنا قطبا الإنتاج الباكستاني، عبد الله كادواني وأسد قريشي (Abdullah Kadwani & Asad Qureshi)، في حوار حصري لعام 2025 مع AURORA يكشف أسرار النجاح والتحديات المستقبلية.
7th Sky Entertainment: عندما يصبح التغيير هدفًا
أسس عبد الله كادواني وأسد قريشي شركة 7th Sky Entertainment بهدف واضح: إحداث تغيير جذري في المشهد الإعلامي. لم يكن الأمر مجرد عمل تجاري، بل رؤية تتجاوز الأرباح المادية، رؤية تركز على "المحتوى الذي يلامس القلوب".
يقول أسد قريشي: "لقد شهدنا جميع مراحل تطور هذه الصناعة، وشعرنا أن هناك نقصًا في المحتوى الذي يخاطب المشاعر الإنسانية بعمق. أردنا أن نملأ هذا الفراغ".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يميز 7th Sky عن غيرها من شركات الإنتاج؟
يجيب قريشي: "في بداية الإنتاج التلفزيوني الخاص، لم يكن هناك سوى عدد قليل من المسلسلات، وكنا ننتج جزءًا كبيرًا منها. لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة، ولم يكن أحد يهتم بتقييمات المشاهدة. ثم جاء عصر الفضائيات، وانفتح الجمهور الباكستاني على محتوى أجنبي متنوع. هنا أدركنا أننا لم نعد ننافس فقط شركات الإنتاج المحلية، بل أيضًا قنوات عالمية ضخمة".
من "بهاغوان" إلى "سفراء باكستان": معر*كة الهو/ية الثقافية
يشير عبد الله كادواني إلى فترة عصيبة في تاريخ الإعلام الباكستاني: "بعد انتشار القنوات الفضائية، سيــ--ــطر المحتوى الهندي على المشهد، وأصبح الجمهور الباكستاني مد/منًا على قنوات مثل Zee TV و Star Plus و Sony. كان الأمر أشبه التنـ**ـميط الثقافي المنظم، حيث بدأ الأطفال الباكستانيون يستخدمون كلمات ومفاهيم مستوحاة من الثقافة الهندية".
هنا أدرك كادواني وقريشي أن عليهم أن ينتجوا محتوى لا يقتصر على جذب الجمهور الباكستاني، بل يمتلك أيضًا جاذبية عالمية، محتوى يعكس الهوية الباكستانية الأصيلة.
"Meri Zaat Zarra-e-Benishan": عندما يصبح المسلسل مرآة للواقع
كان مسلسل "وجودي... مجرد ذرة لا أثر لها" نقطة تحول في مسيرة 7th Sky. لم يكن مجرد مسلسل، بل كان صرخة في وجه الظلم، وتجسيدًا للواقع المؤلم الذي تعيشه بعض النسـ|ء في المجتمع الباكستاني.
يشرح قريشي: "تلقينا إشادة واسعة من الجمهور الباكستاني والهندي على حد سواء. المسلسل تناول موضوعًا جريئًا، وهو كيف يمكن لشهادة الزور أن تدمر حياة امرأة بريئة. أثار المسلسل جدلاً واسعًا، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب أمام نوع جديد من الدراما الباكستانية".
هنا أدرك كادواني وقريشي أن "القصة يجب أن تحمل رسالة"، رسالة تدعو إلى التغيير، وتسلط الضوء على قضايا مهمة مثل تمكين المرأة، ومكافحة التحر*ش، ونشر التسامح.
بين "ساس باهو" والجرأة: كيف تحقق التوازن؟
لم يكن الابتعاد عن المسلسلات التقليدية التي تدور حول صراعات "ساس باهو" (الحماة والزوجة) أمرًا سهلاً. كان هناك خطر فقدان قاعدة جماهيرية واسعة.
يوضح قريشي: "لم نتخلى تمامًا عن هذا النوع من المسلسلات، بل حاولنا أن نضيف إليها لمسة جديدة، وأن ندمج فيها قضايا اجتماعية مهمة. الأمر أشبه ببناء هيكل، هيكل قائم على القيم العائلية والروابط الاجتماعية، ولكننا نضيف إليه عناصر أخرى تجعله أكثر جاذبية وإثارة".
ويضيف كادواني: "كان الأمر تحديًا كبيرًا، لأننا كنا نتطرق إلى مواضيع حساسة لم يجرؤ أحد على التطرق إليها من قبل. لكننا كنا نعلم أنه لكي ننافس على المستوى الدولي، يجب أن نكون جريئين ومبتكرين".
عندما يصبح المعلنون جزءًا من الرؤية
لم يكن الحصول على دعم المعلنين بالأمر الهين في البداية. لم يكن الكثيرون يؤمنون بقدرة 7th Sky على منافسة القنوات الهند/ية العملاقة.
يقول قريشي: "صناعتنا تعتمد بشكل كبير على الإعلانات، وفي كثير من الأحيان تضطر إلى تقديم المحتوى الذي يريده المعلنون. لكننا حاولنا أن نفهمهم أننا بحاجة إلى إنهاء هذا التنميط الثقافي. وبعد النجاح الكبير الذي حققه مسلسل ’وجودي... مجرد ذرة لا أثر لها‘، بدأ المعلنون يأخذوننا على محمل الجد".
عصر المنصات الرقمية: فرص لا حدود لها
مع ظهور المنصات الرقمية، تغير المشهد الإعلامي بشكل جذري. لم يعد التلفزيون هو المصدر الوحيد للمشاهدة، وأصبح بإمكان الجمهور الوصول إلى المحتوى من خلال شاشات مختلفة وفي أي وقت ومكان.
يقول قريشي: "في الماضي، كانت لدينا ثلاث أو أربع قنوات فقط نبيع لها المحتوى. أما اليوم، فلدينا فرصة لتحقيق الدخل من خلال المنصات الرقمية. القيود أصبحت أقل، وأصبح بإمكان أي شخص إنتاج فيديو وتحميله على الإنترنت".
ويضيف كادواني: "خلال فترة جائحة كوفيد-19، حدث تحول كبير. في الوقت الحالي، النسبة بين التلفزيون والمنصات الرقمية هي 50:50، ولكنها ستتحول إلى 70:30 لصالح المنصات الرقمية".
"Tere Bin": الظاهرة العالمية التي حطمت الأرقام القياسية
مسلسل "حياتي بدونك" هو دليل قاطع على قدرة الدراما الباكستانية على تحقيق النجاح العالمي. فقد حصد أكثر من أربعة مليارات مشاهدة على مستوى العالم، وأصبح ظاهرة عالمية حقيقية.
يقول كادواني بفخر: "نحن في نادي المليار مشاهدة. إذا أخذت أفضل 12 مسلسلًا باكستانيًا من حيث المشاهدة، فإننا أنتجنا ثمانية منها. نحن الشركة الترفيهية الوحيدة التي أنتجت مسلسلًا حصد أكثر من أربعة مليارات مشاهدة ومسلسلًا آخر حصد أكثر من ثلاثة مليارات مشاهدة. لقد أعطينا صوتًا لجمهورنا وهوية للدراما الباكستانية".
الدراما الباكستانية تتشعب في تركيا: تبادل ثقافي غير مسبوق
في تطور مفاجئ، بدأت القنوات التركية في دبلجة المسلسلات الباكستانية وعرضها على شاشاتها.
يقول قريشي: "لقد دخلنا في شراكة مع قناة تركية قامت بدبلجة محتوانا إلى اللغة التركية وعرضه حاليًا. فجأة أصبح المحتوى الباكستاني جذابًا. كنا نسمع عن قنوات باكستانية تعرض محتوى تركي، أما الآن فالأمر معكوس. وأنا لا أتحدث عن مسلسل واحد، بل عن 500 إلى 600 ساعة من المحتوى. هذا يحدث منذ العامين الماضيين. القنوات التركية أخذت محتوى من شركات إنتاج أخرى أيضًا، لكن 85% من المحتوى يأتي من 7th Sky".
نتفليكس والكرة الذهبية الباكستانية
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته الدراما الباكستانية على مستوى العالم، إلا أنها لا تحظى بنفس القد/ر من الاهتمام الذي تحظى به الدراما الهند/ية على منصات مثل نتفليكس.
يقول قريشي: "المسلسلات الباكستانية المعاد عرضها موجودة على نتفليكس. المحتوى الهندي على نتفليكس هو محتوى أصلي تم إنتاجه خصيصًا لنتفليكس، لذلك هناك فرق. المحتوى الذي تستثمر فيه نتفليكس حاليًا هو المحتوى الكوري. لكن نعم، الجميع يبحث عن الكرة الذهبية".
ويضيف كادواني: "ستأتي نتفليكس بقوة إلى باكستان. ليس لديهم خيار لأن الدراما الباكستانية تحظى بشعبية كبيرة".
المواهب الباكستانية: كنز لا يقدر بثمن
يؤكد كادواني وقريشي على أهمية الاستثمار في المواهب الباكستانية، مشيرين إلى أن باكستان تمتلك كنوزًا من المواهب في مختلف المجالات.
يقول قريشي: "محررو النصوص وفرق كتابة المحتوى هم موارد مطلوبة للغاية. في بعض الأحيان تكون لدى الكتاب فكرة رائعة، ولكن تحويلها إلى سيناريو يمكن أن يكون تحديًا بالنسبة لهم. نحن صناعة نابضة بالحياة. من منظور الموارد البشرية، نحن أيضًا صناعة تنافسية للغاية. لدينا مجموعة مذهلة من الأشخاص نفخر بهم للغاية".
الدعم والسيـ|سات: الطريق إلى الازدهار
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته الدراما الباكستانية، إلا أن الصناعة لا تزال تعاني من نقص الدعم والسياسات الواضحة.
يقول كادواني: "لا يوجد دعم. كل ما فعلناه، فعلناه على أساس الاكتفاء الذاتي. لقد استثمرنا من جيوبنا الخاصة. كان شغفنا وهوسنا هو الذي جعلنا نأخذ المخاطر".
ويضيف قريشي: "نحن نكافح من حيث الضر*ائب؛ من حيث الارتباك بشأن من يجب أن يدفعها أم لا. ما زلنا نكافح من حيث تحديات الرقا*بة وأطر السيا*سات الواضحة".
ويشير قريشي إلى أن غياب نظام حقوق الملكية الفكرية يشكل عقبة كبيرة أمام الإبداع. ويؤكد على الحاجة إلى تعاون أكبر بين جميع الأطراف المعنية من أجل النهوض بالصناعة.
الدراما الباكستانية سفيرة للوطن
يختتم كادواني حديثه قائلاً: "الدراما هي سفيرة باكستان. لقد تغيرت مواقف الناس بسببها. في السابق، كان الناس يتحدثون فقط عن المحتوى الهنــ--دي. أما الآن، فالحديث يدور حول باكستان، وهذا إنجاز كبير للصناعة".
وهكذا، تتجلى قصة صعود الدراما الباكستانية كقصة إصرار وتحدي، قصة تحويل الأحلام إلى واقع، قصة تغيير الصورة النمطية لباكستان في العالم.
****
#الدراما_الباكستانية
#مسلسلات_باكستانية
#صناعة_الترفيه
#7thSkyEntertainment
#عبدالله_كادواني
#أسد_قريشي
#نجوم_باكستان
#تيري_بين
#نتفليكس_باكستان
#التبادل_الثقافي
#هوية_باكستانية
#تمكين_المرأة
#قضايا_اجتماعية
#الدراما_سفيرة_الوطن
#الإعلام_الباكستاني
#مسلسلات_مدبلجة
#ترند_باكستان
#مشاهير_باكستان
#مواهب_باكستانية
#السينما_الباكستانية
#التلفزيون_الباكستاني
#منصات_رقمية
#يوتيوب_باكستان
#قصص_نجاح
#ثقافة_باكستان
#باكستان
#PakistanDrama
#PakistaniSerials
#EntertainmentIndustry
#Lollywood
#PakistaniCulture